روائع مختارة | قطوف إيمانية | عقائد وأفكار | كيف تبدئين من جديد؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > عقائد وأفكار > كيف تبدئين من جديد؟


  كيف تبدئين من جديد؟
     عدد مرات المشاهدة: 2056        عدد مرات الإرسال: 0

هكذا هي الحياة تبدو أحيانا سهلة وبسيطة وأحيانا أخرى تبدو صعبة إلى حد التعقيد.. يحدث ذلك عند لحظات الإبتلاء القاسية وعند لحظات الهزيمة المريرة، ومن منا نحن البشر لم يتذوق من هذه أو تلك إنها رسائل التذكير أنه هاهنا الدنيا حيث لا يمكن للحظات الصفاء أن تدوم إلى الأبد ألم يخلق الإنسان في كبد..

أيا كانت التجربة القاسية التي مررت بها وسواء كنت أنت المتسببة فيها أم أن الأمور كانت خارج نطاق إرادتك فلابد أن تتماسكي وتنهضي وتبدئي حياتك من جديد.

¤ بين الذنب والتوبة:

ليس هناك ما هو أقسى من الوقوع في المعصية لمن كان له قلب سليم فيتألم ويشعر أن الأرض قد ضاقت عليه بما رحبت ويزداد هذا الشعور ويتعمق عندما يتكرر الذنب بعد التوبة المرة تلو المرة فتبدو التوبة النصوح في لحظة أقرب إلى الحلم البعيد وكأن ثمة سلاسل من الحديد مربوطة في قدميك أو كأنك واقفة فوق بحيرة من الطين اللزج غير قادرة على الإرتفاع من هذا المستنقع أو كأنك تغوصين في بحر من الرمال المتحركة..

أختي الغالية أنت بحاجة لبداية جديدة ولو للمرة الألف وتأملي هذا الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن عبداً أصاب ذنبا وربما قال أذنب ذنباً فقال: رب أذنبت وربما قال: أصبت فإغفر لي، فقال ربه: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا أو أذنب ذنبا، فقال رب: أذنبت أو أصبت آخر فإغفره، فقال: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنبا وربما قال: أصبت ذنبا، قال: قال رب أصبت أو قال أذنبت آخر فاغفره لي، فقال:علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي ثلاثا فليعمل ما شاء».

وتأملي تعليق النووي على الحديث: وفي الحديث أن الذنوب ولو تكررت مائة مرة بل ألفا وأكثر وتاب في كل مرة قبلت توبته، أو تاب عن الجميع توبة واحدة صحت توبته، وقوله في الحديث: اعمل ما شئت، معناه: ما دمت تذنب فتتوب غفرت لك.

الحديث ليس رخصة لإرتكاب الذنوب ولكن فيه الحث على التوبة لمن وقع في الذنب وألا ييأس الإنسان من نفسه ويفقد الأمل في التوبة فإن الله غفور رحيم.

وقد قال بعضهم لشيخه: إني أذنبت، قال: تب، قال: ثم أعود، قال: تب، قال: ثم أعود، قال: تب، قال: إلى متى؟ قال: إلى أن تحزن الشيطان.

حتى يحزن الشيطان وليس حتى تحزني أنت وتكرهين نفسك وتكتئبين فتأملي.

¤ فقد الأحــــبة:

يا للوعة القلب حين يفارقه من كان له سكنا وسندا إنه لايمكن وصف هذا الحزن بالكلمات وليس من الغريب أن يطلق مؤرخو السيرة النبوية على العام الذي توفيت فيه أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وأبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم عام الحزن.. هذه هي الدنيا ببساطة تعلن عن نفسها وعن قدرها وأنها ليست دار مستقر ومقام.. وعلى الرغم من أن الجميع يعلم هذه الحقيقة فإن الحزن لابد واقع فهذه هي طبيعة النفس البشرية ولكن المؤمن لا يجزع ويقول خيرا ويسترجع مهما كان القلب يعتصر ألما والله سبحانه وتعالى يرسل له الصبر الجميل ويعوضه عما فقده، عن أمِّ سلمة قالت: أتاني أبو سلمة يومًا من عند رسول الله فقال: لقد سمعتُ من رسول الله قولاً سُرِرْتُ به. قال: «لا يُصِيبُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مُصِيبَةٌ فَيَسْتَرْجِعَ عِنْدَ مُصِيبَتِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَاخْلُفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ». قالت أمُّ سلمة: فحفظت ذلك منه.

فلمَّا تُوُفِّي أبو سلمة إسترجعتُ، وقلتُ: اللهم أجرني في مصيبتي، وإخلف لي خيرًا منها، ثم رجعتُ إلى نفسي فقلتُ: مِن أين لي خيرٌ من أبي سلمة؟ فلمَّا إنقضَتْ عدَّتي استأذن عليَّ رسول الله وأنا أدبغ إهابًا لي، فغسلتُ يدي من القرظ وأذنتُ له، فوضعت له وسادة أدم حشوها ليف، فقعد عليها، فخطبني إلى نفسي، فلمَّا فرغ من مقالته قلتُ: يا رسول الله، ما بي أن لا تكون بك الرغبة فيَّ، ولكني امرأة بي غَيرة شديدة، فأخاف أن ترى منِّي شيئًا يعذبني الله به، وأنا امرأة قد دخلتُ في السن وأنا ذات عيال.

فقال: «أَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ الْغَيْرَةِ فَسَوْفَ يُذْهِبُهَا اللَّهُ مِنْكِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ السِّنِّ فَقَدْ أَصَابَنِي مِثْلُ الَّذِي أَصَابَكِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ الْعِيَالِ فَإِنَّمَا عِيَالُكِ عِيَالِي».

فقالت أمُّ سلمة: فقد أبدلني الله بأبي سلمة خيرًا منه رسولَ الله..

لم يكن قلب أم سلمة رضي الله عنها قادرا على طلب من هو خير من أبي سلمة ولم يكن عقلها يتصور ان هناك من هو أفضل منه ولكنها التزمت الدعاء وتحققت المعجزة وجاء من هو افضل منه وكانت بداية جديدة.

¤ الفشـــل وتوابعه:

مهما كانت الصعوبات التي تعثرت فيها فلابد أن تذكري نفسك بضرورة البداية الجديدة مهما كانت صعبة أو بعيدة.. فقط إبدئي ولو خطوة واحدة صغيرة، فإنه حتما سيتبعها خطوات..لا تستهيني بالخطوة الصغيرة فإنها قد تحقق معجزة وإياك والإستسلام للفشل.

مشكلاتك كبيرة في مجال العمل.. تم فصلك من العمل وفقدت وظيفتك..اكتشفت بعد سنوات طويلة أن هذا ليس هو العمل الذي كنت تطمحين إليه..لديك مشكلات هائلة مع زوجك.. إحتمال الإنجاب ضعيف.. تعانين ماديا..طلقت وتعانين.. فشلت خطبتك أكثر من مرة..

أيا ما كان الأمر ومهما كان حجم المشكلة فلابد أن هناك حل ما ولو جزئيا فقط انظري للأمر نظرة مختلفة نظرة من يوقن أنه لا يوجد مشكلة بلا حل وأن الصبر الجميل هو المفتاح السحري لكثير من الأبواب المغلقة.

الكاتب: فاطمة عبد الرءوف.

المصدر: موقع رسالة المراة.